لحسن لحويدگ يستعرض الجزء الرابع من كتابه ذاكرة هوية ووطن.. ” مذكرات من الداخلة “بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية

0

صحراء بينتي تريس : الرباط

نص مداخلة لحسن لحويدگ في تقديم الجزء الرابع لكتابه : ذاكرة هوية ووطن.. ” مذكرات من الداخلة ” الذي احتضنته المكتبة الوطنية للمملكة المغربية ، برواقها ، يوم السبت 26 من الشهر الجاري ، في فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب المنظم بالرباط في دورته ال 30 تحت الرعاية الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس .

____________________________________

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسوله الكريم.
أيها الحضور الكريم .

يشكل رواق المكتبة الوطنية للمملكة المغربية المقام بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط المنظم في دورته ال 30 تحت الرعاية الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس ، مناسبة ثمينة التي منحتني إياها المكتبة الوطنية لعرض وتقديم ، الجزء الرابع لكتابي : ذاكرة هوية ووطن.. “مذكرات من الداخلة ” ، في إطار فرصة تقديم ” كاتب وكتاب ” الذي يتضمن آخر إصدارات الكتاب والتعريف به من طرف المكتبة الوطنية للمملكة المغربية ، المشكورة ، على هذه المبادرة المحمودة.
وانتهز هذه المناسبة لتقديم وعرض هذا الكتاب والتعريف به وقراءة محتوياته من زوايا ورؤى مختلفة تغني مضمونه وتفتح آفاقا فكرية رحبة لنسج تصورات جديدة بنفس جديد ومتجدد خدمة للقضية الوطنية وللتاريخ المحلي لجهة الداخلة – وادي الذهب، باعتباره جزء ومكونا من مكونات الذاكرة التاريخية الوطنية.
وكما هو مبين في تقديمي للكتاب، اعتبر أن هذا الجزء الرابع هو امتداد للأجزاء الثلاثة المنصرمة من حيث السياقين الزماني والمكاني، بحيث أنه تطرق إلى عدد من الأحداث والمحطات التي طبعت مساري بجهة الداخلة وادي الذهب في تسلسلها الزمني بشكل متناسق من حيث معايشة تجربتها وتطوراتها ومكتسباتها وعبرها والأبعاد والرسائل التي اتوخى إيصالها لكل مهتم ومتتبع للنزاع الإقليمي المفتعل حول مغربية الصحراء.
وأعتبر أن سرد هذه التجربة المعيشة التي أرادتها أن تبقى توثيقا شاهدا على هذه المرحلة، تتواصل في محطة الجزء الرابع للكتاب، من خلال التعريف بقضية الصحراء المغربية وتطوراتها المتلاحقة التي تتطلب المزيد من التعبئة والترافع عنها ، واستثمار مختلف وسائل الدبلوماسية الرسمية والمدنية بكل مشاربها المواكبة لها من أجل تحصينها، ومسايرة تطوراتها ومستجداتها إزاء التحولات الجيوسياسية التي يشهدها العالم.
وقد ارتأيت في هذا الجزء أن أطل على القارئ /ة بتجديد من داخل الحفاظ على المنهجية، بحيث حاولت في هذا الجزء، وعند كل لحظة، مناشدة ذاكرتي، في ما وثقت، منذ حلولي بوادي الذهب، وربط بعضها بسياقها وامتداداتها وأبعادها، معتمدا منهجية التسلسل الكرونولوجي، طالقا العنان للذاكرة تمارس حضورها وهي تولي الحاضر عناية خاصة، دون أن تتوارى عن أنظار استشراق المستقبل البهيج.
فمضامين هذا العمل الأدبي، الذي يقع في 444 صفحة من الحجم المتوسط، تتمحور من خلال مستجدات السياقات الوطنية والإقليمية والدولية الراهنة، بما تحمله من تحديات ورهانات على جميع الأصعدة بخصوص قضيتن االوطنية الأولى ، التي تتطلب من كل الفعاليات مواصلة التعبئة لمواجهتها.
وتنبغي الإشارة في هذا السياق أن تصميم محاور الكتاب في كل أجزائه هو عبارة عن حقيبته ترافعية جمعوية عن مغربية الصحراء وتجربة ذاتية، تتطرق لهذه الفترة بأحداثها البارزة من خلال معايشتي لها وللأنشطة الجمعوية والثقافية والأكاديمية المتعددة التي ساهمت في فعاليتها، وشهادات وانطباعات لمجموعة من الفعاليات المتنوعة، علاوة على مداخلات ومقالات وتصاريح واستضافات إعلامية، ومشاركات في ملتقيات محلية ووطنية ودولية ، كمشاركتي في أشغال اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك ، خيطها الناظم وقاسمها المشترك الترافع عن قضية الصحراء المغربية والوحدة الترابية والوطنية للمملكة المغربية ، التي تكرست وتجسدت من خلال مسار شخصي ، منذ ٱلتحاقي بالداخلة سنة 1991 ، ضمن وفد مخيمات الوحدة ، الذين وفدوا قادمين من شمال المملكة ، للمشاركة ، وقتئذ ، في الاستفتاء التأكيدي لمغربية الصحراء ، الذي تم نسفه وإقباره بسبب المواقف العدائية لخصوم الوحدة الترابية ، في صدارتهم النظام العسكري الجزائري وصنيعته جبهة البوليساريو الانفصالية ، فٱتضح للجميع عدم قابليته للتطبيق لتاتي المبادرة الملكية للحكم الذاتي تحت السيادة الوطنية المغربية ، سنة 2007 ، و هي المبادرة ذات الواقعية والمصداقية والجدوائية ، ما جعل المنتظم الدولي يتبناها ، و المملكة المغربية ، ملكا وحكومة و شعبا ، اعتبرتها السقف النهائي لاي تفاوض مستقبلي حول مغربية الصحراء .
كما تناول الكتاب إبراز اشتغالي واهتمامي بالقضية الوطنية الأولى كفاعل جمعوي وثقافي وسياسي و إطار تربوي ، ومؤطر قبلي، ساهم بجانب ابناء عمومته وفعاليات متنوعة بجهة الداخلة وادي الذهب ، في إنجاح العديد من التظاهرات في شتى المجالات.
فعموما الاجزاء الأربعة لكتاب ” ذاكرة هوية ووطن ..مذكرات من الداخلة” ، تؤرخ لمراحل مفصلية و مناسبات وطنية مجيدة ، عززتها بمقالات و نصوص مشاركتي في الندوات واللقاءات الإعلامية ، فضلا عن مقالات فكرية رصينة لدكاترة و باحثين جامعيين وفعاليات مدنية ورؤساء مصالح خارجية ، معززا عمليات توثيقها بصور تواكب كل محطة و حدث على حدة.
فاغلب الأساتذة الباحثين الذين تفضلوا بتقديم قراءات حول الأجزاء الأربعة للكتاب ، اعتبروا المادة الدسمة التي تقدمها هذه الكتب لأجيالنا جزءا من تاريخها الوطني الحافل بالامجاد والبطولات ، تبرز ان قوة المملكة المغربية وسر شموخها كامن في التجاوب الروحي والتلاحم التلقائي بين الشعب و العرش .
فقد تحدثت عن منهجية ٱشتغالي على منتوجي الفكري المتواضع في سلسلة كتبي ، معتمدا على البناء الكرنولوجي و التسلسل الزمني لما عايشته و واكبته من محطات تهم أنشطة مختلفة في شتى مناحي الحياة .
فكما لا يخفى على كريم علم كل من تفضل بقراءة هذا العمل المتواضع للكتاب ، يتضح أنه تم في إطار مقاربة تشاركية مع مجموعة من الباحثين الأكاديميين وعدد من الفعاليات في مجالات متنوعة ، على الصعيدين الوطني والمحلي . .
وفي هذا الإطار ، تتطرق سلسلة هذه الكتب إلى عدد من الأحداث والمحطات التي طبعت مساري الشخصي بجهة الداخلة وادي الذهب في تسلسلها الزمني بشكل متناسق من حيث معايشة تجربتها وتطوراتها و مكتسباتها الاجتماعية والتنموية والثقافية والسياسية والدبلوماسية .
فعموما ، الأجزاء الأربعة لكتاب : ذاكرة هوية ووطن.. “مذكرات من الداخلة ” هي نوع من “المعاينة الشخصية”، تشكل “سردا لمسار شخصي ” وذلك من خلال تسليط الضوء على مختلف الأنشطة والأحداث التي ميزت ملف وحدتنا الترابية على الصعيد الدولي والوطني بشكل عام، وبجهة الداخلة وادي الذهب على وجه الخصوص، خلال هذه الفترة.
كما يتضمن هذا العمل الذي يتوزع على عدة فصول، سلسلة من شهادات وتصورات وردود فعل مجموعة من الأكاديميين والجامعيين والسياسيين والفاعلين الجمعويين، وذلك في أفق تقديم سلسلة من التوصيات الرامية إلى تعزيز دعم القضية الوطنية.
ويسجل هذا العمل أيضا تسليط الضوء بالأساس ، على المنجزات التنموية والأوراش الكبرى التي استطاع المغرب إنجازها في الأقاليم الجنوبية من أجل تفعيل مشاريع وبرامج الاستثمار والتنمية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبشري والبيئي ، وفي صلبها النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية الذي قطع اشواطا كبرى في التنفيذ ، نذكر على سبيل المثال لا الحصر ،الطريق السريع تزنيت-الداخلة عبر العيون الذي يمتد على 1055 كلم والميناء الاطلسي بالداخلة ، وربط الاقاليم الجنوبية بالشبكة الوطنية للكهرباء ، بالإضافة إلى مجموعة من الاوراش المهيكلة الكبرى في شتى المجالات وعلى مختلف كل الأصعدة .
كما تضمنت محاور الكتاب تحليلات معمقة حول سلسلة من الأحداث الوطنية والعديد من الخطب الملكية، والتقدم الدبلوماسي الكبير الذي سجلته الدبلوماسية الملكية، خاصة في قضية الصحراء المغربية التي تمثل أولوية بالنسبة للدبلوماسية المغربية، تماشيا مع الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وقد أكدت من خلال الاجزاء الأربعة لهذه الكتب ، على ضرورة مواصلة التعبئة الشاملة لتحصين الوحدة الترابية والوطنية، وتملك المزيد من المعارف والمعطيات التي تصب في اتجاه الترافع عن مغربية الصحراء، وفضح الأطروحات الانفصالية، ودحض كل المزاعم الزائفة التي يروجها أعداء الوحدة الترابية،
معربا في هذا الصدد، عن أملي في أن يسهم هذا المؤلف في تعزيز الذاكرة الوطنية وقدرات المجتمع المدني في إطار الدبلوماسية الموازية المواكبة للتمكن من الدفاع عن القضية العادلة للمغاربة على المستوى الدولي.
كما دعوت إلى أن يكون هذا الكتاب مصدر إلهام للأجيال الصاعدة حتى تظل على ارتباط وثيق بقيم الوطنية الصادقة والتضحية اللامشروطة وروح المواطنة الإيجابية للدفاع عن المصالح العليا لبلدها بشكل أفضل ، مذكر بهذا الخصوص، بأن سياقات هذه الإصدارات ، تتركز حول الحث على مواصلة التعبئة الوطنية الشاملة، وتكثيف جهود التحسيس بخصوص القضية الوطنية الأولى، مع التأكيد على أهمية تقوية تلاحم الجبهة الداخلية وتعزيز الدبلوماسية الموازية من أجل الدفاع عن مغربية الصحراء وصيانة الوحدة الترابية والوطنية ، إضافة إلى تجديد التأكيد على مشروعية القضية الوطنية، وتسريع التسوية النهائية لهذا النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية في إطار مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
وفي هذا السياق ، يأتي الجزء الرابع للكتاب في خضم مجموعة من التطورات التي شهدها ملف الوحدة الترابية في ظل ما عرفه هذا المسار من أحداث هامة في مسلسل المكتسبات المحققة لصالح المملكة والترافع حول مغربية الصحراء ، ، ليس فقط مايثبت ذلك بالحق والمشروعية وعدالة قضية الوحدة الترابية للمملكة، ولكن بدعوة كل الضمائر الحية عبر العالم من أجل التعجيل بالتسوية النهائية لهذا النزاع الإقليمي المفتعل الذي عمر أكثر من اللازم، وعطل فرص التنمية الشاملة لشعوب الأقطار المغارببة الخمس .
وللتذكير أيضا ان كل جزء من الكتاب ، يتضمن العديد من الخطب الملكية السامية والأحداث الوطنية التي تهم ملف الوحدة الترابية ، كما يستعرض قراءاتي في مضامين هذه الخطب، بالإضافة إلى مقالات وردود فعل تسلط الضوء على التعبئة المستمرة والداعمة للقضية الوطنية الأولى للبلاد.
كما تشمل هذه الكتب أيضا سلسلة من المداخلات والآراء التي خصصت بها عددا من المواقع الإعلامية أو تلك التي شاركت بها في ندوات ولقاءات وطنية ودولية حول مواضيع “المجتمع المدني وقضية الصحراء المغربية”، و”التدخل السلمي المغربي بمعبر الكركرات”، و”محطات من تاريخ المقاومة وجيش التحرير بالجنوب المغربي وغيرها. ، وما عرفته من محطات متنوعة، منها على الخصوص، تطورات ملف الوحدة الترابية والتدخل السلمي للمغرب في الكركرات ، والانتصارات المتتالية للدبلوماسيةالملكية التي تجسدت من خلال تواصل فتح القنصليات بالأقاليم الجنوبية للمملكة.
والجدير بالذكر في هذا المضمار ، أنني بصدد إنجاز الجزء الخامس للكتاب الذي سيتم إصداره بمناسبة تخليد الذكرى الخمسينية المقبلة لانطلاق المسيرة الخضراء إن شاء الله ، والذي من بين ما سيتضمن من المحاور :
مواكبة الدينامية الجديدة التي تعرفها القضية الوطنية في ظل التحولات الجيو استراتيجية الجديدة على ضوء الزخم المتزايد للاعترافات بمغربية الصحراء من خلال ما يلي:
* تأكيد وزير الخارجية الأمريكي مارك روبيو أن” الولايات المتحدة الأمريكية تجدد التأكيد على “اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على صحرائه وتدعم مقترح الحكم الذاتي كأساس وحيد لحل عادل و دائم للنزاع.
* إحاطة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا، التي قدمها أمام مجلس الأمن في 14 من أبريل الجاري، مؤكدا أن “جميع المؤشرات فيها تصب في كون مخطط الحكم الذاتي أصبح هو أفق الحل السياسي ” لهذا النزاع الذي عمر طويلا.
* مشاركتي بمداخلات في ندوات وطنية في عدة مدن مغربية، ودولية حول قضية الصحراء المغربية في كل من الرباط ومراكش والداخلة والعيون والسمارة ولاس بالماس بإسبانيا ودكار بالسنغال.
* تقديم مداخلات وكتابة مقالات والمشاركة في كتابين جماعيين مع ثلة من الأساتذة الباحثين وفعاليات مدنية حول ملف الصحراء المغربية ، والدعم الدولي المتزايد للقضية الوطنية ، حيث نجح المغرب في كسب دعم العديد من الدول الكبرى لمبادرة الحكم الذاتي ، فازيد من 116 دولة اعتبرت مبادرة الحكم الذاتي جادة لإنهاء النزاع الإقليمي المفتعل حول مغربية الصحراء ، كحل واقعي وذي مصداقية وجدوائية بلا غالب و لا مغلوب ، ومن ضمنها اسبانيا وفرنسا، ولكن في صدارتها الولايات المتحدة الأمريكية ، التي اكيد في عهد الرئيس دونالد ترامب ، سيتعزز اكثر اعترافها السابق بسيادة المغرب على الصحراء في عهد حكمه لولاية ثانية ، اعترافها التاريخي سنة 2020 .
كما سأتطرق إلى افتتاح القنصليات : فكما هو معلوم ، فقد شهدت حاضرتا العيون والداخلة افتتاح العديد من القنصليات لدول إفريقية وعربية وأمريكية لاتينية ، فاقت لحد الساعة 30 قنصلية ، مما يعكس اعترافًا بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية ، وتثمينها للاوراش التنموية الكبرى المقامه بها ، والعدد طبعا مرشح للارتفاع.
وايضا حول إفشال أطروحات الانفصال و ذلك بفضل الدبلوماسية الملكية الحكيمة الفعالة ، مدعومة بالدبلوماسية البرلمانية والمدنية والحزبية ، حيث استطاع المغرب تهميش الأطروحات الانفصالية في المحافل الدولية ، وتقليص الدعم الذي كانت تحظى به ، مما جعل أطروحتها الوهمية تعرف تراجعا متناميا في استقطاب من كانت توهمهم بجديتها.
وهناك دعم الأمم المتحدة : وهو ما تجسد في استمرار العملية السياسية تحت إشراف الأمم المتحدة ، ما يعكس بجلاء رغبة المجتمع الدولي في إيجاد حل سياسي وواقعي بعيدًا عن النزاعات المسلحة لاسيما ان المحتجزين في مخيمات تندوف سئموا من الاسطوانة المشروخة لبائعي الوهم .
و اليوم هناك قناعة جماعية راسخة بأن رهان الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد و الاوحد لايقاف نزيف معاناة المواطنين المغاربة المفروض عليهم الحصار بمخيمات تندوف لمدة تشارف نصف قرن من الزمن.
إن العالم اليوم مقتنع، بما لا يدع مجالا للشك ، ان مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب سنة 2007 ، يعد حلاً عمليًا إجرائيا قابلًا للتطبيق و هو أعلى سقف تنازلات بلادنا.
جدير بالذكر ، ان هذا المقترح يرتكز على عناصر اهمها :
* إشراك سكان الأقاليم الجنوبية: إذ يهدف الحكم الذاتي إلى تمكين السكان المحليين من إدارة شؤونهم المحلية في إطار السيادة المغربية.
* المرونة والواقعية: فهو يجمع بين احترام الوحدة الترابية للمغرب وخلق نموذج تنموي متكامل للمنطقة.
* التنمية الاقتصادية والاجتماعية: فمبادرة مشروع الحكم الذاتي يتزامن مع استثمارات ضخمة في البنية التحتية في مختلف المجالات لتعزيز استقرار ورفاه المنطقة.
* التأييد الدولي: فهذا المقترح المغربي يعتبر حلاً واقعيًا يحظى بدعم أممي وإشادة العديد من الدول الكبرى بمافي ذلك بعض دول مجلس الأمن الدائمة العضوية كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا .
إن ما سبق ذكره لا يعفينا من الإعتراف ان هناك تحديات في المستقبل، منها ما يرتبط بإيجاد توافق سياسي دولي ؛ فعلى الرغم من الدعم المتزايد ، يظل التوصل إلى إجماع دولي حول حل الحكم الذاتي تحديًا مما يقتضي مزيدا من التعبئة الوطنية الشاملة ، وتعزيز الجبهة الداخلية ، والتماسك الاجتماعي ، والعزم والحسم بالانتقال من مرحلة الرد إلى اخذ المبادرة ، ومن مرحلة التدبير إلى التغيير كما أكد على ذلك جلالة الملك محمدالسادس.
ولا ننسى تأثير التوترات الإقليمية، حيث استمرار النزاعات في المنطقة المغاربية يشكل عائقًا أمام تحقيق سلام دائم.
وطبعا لابد من اليقظة و التعبئة الوطنية الشاملة و تعزيز العمل الدبلوماسي المستمر الرسمي و الموازي ، ما يستدعي تعزيز الدبلوماسية المغربية لمواجهة الدعاية الانفصالية وضمان استمرار الدعم الدولي.
والجدير بالذكر ، ان قضية الصحراء المغربية ليست مجرد قضية حدود ، بل هي قضية وجود ، و اساس الامن القومي المغربي وتمثل رمزًا للوحدة الترابية والسيادة الوطنية واستراتيجية للتنمية .
و الاكيد ، انه بينما يواصل المغرب تحقيق مكتسبات دبلوماسية ، يبقى رهان الحكم الذاتي الحل الأكثر واقعية لضمان استقرار المنطقة وتعزيز التنمية المستدامة.
وكما لا يخفى على أي متتبع لملف الصحراء المغربية، أنه للاسف الشديد ان النظام الجزائري لازال يتمادى في عدائه للوحدة الترابية للمغرب، ويرفض كل دعوات نداءات المصالحة ، والتطبيع واليد الممدودة ، غير آبه بعلاقات الدين والجوار والعروبة والمصير المشترك ، وتحديات التنمية للأقطار المغاربية الخمس في بناء اندماج وتكامل اقتصاديبين .
فعوض العمل على فتح آفاق تعاون وشراكة شاملتين تخدم الشعبين الشقيقين، فكل شغله الشاغل الرئيسي هو شن الحرب الدبلوماسية العدائية ضد المغرب ودعم اطروح الانفصاليين.
وبطبيعة الحال فحكام الجزائر يكرسون هذا التصعيد من اجل التغطية على فسادهم الإداري والاقتصادي ومشاكلهم الداخلية بغية تصديرها إلى الخارج .
وبالرغم من هذه المواقف العدائية التصعيدية باستمرار اتجاه بلدنا ، وكفعاليات متنوعة ، علينا ان لا نعطي فرصة التصعيد للنظام الجزائري ، بل علينا أن نتمسك بفضيلة الحوار بين الشعبين الشقيقين، وان نكرس عبر إيجابيات كل وسائل التواصل الاجتماعي مع مختلف النخب الجزائرية في كل المجالات ، لأنه اكيد سيكون في اوساط هذه الفعاليات عقلاء يقاسمنا معنا نفس مواقف التقارب والتواصل الإيجابي والجوار الطبيعي البناء خارج عقد النظام الجزائري الجائر الذي ما فتئ بدسائسه واستفزازاته يعمل على غرس العداء بين الشعبين الشقيقين .
وحري بحكام الجزائر أن يفهموا الدرس من التاريخ من تقارب وتوحد العديد من الدول رغم نشوب حروب طاحنة فيما بينها بعد الحرب العالميةالثانية ، كالاتحاد الأوروبي على سبيل المثال لاالحصر .
وفي الختام ، من اللازم ان نستحضر بالمناسبة الخطاب الملكي السامي الموجه إلى أعضاء مجلسي البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحادية عشر، وهو الخطاب التاريخي الذي يعد منعطفا حاسما يؤسس لدبلوماسية متعددة المسارات حول الترافع عن مغربية الصحراء في المحافل الدولية ، بمنهجية جديدة ، ترتكز على صون مكتسبات قضيتنا الوطنية الأول ، في إطار من التكامل بين أعضاء البرلمان والقوى الحية من أجل صيانة الوحدة الترابية والوطنية .
فقد تمحور مضمون الخطاب الملكي كاملا على قضية الصحراء المغربية ، حيث أبرز المكتسبات والتطورات لهذا الملف ، والمواقف الإيجابية الهامة لعدد من الدول الكبرى والصديقة خلال الآونة الأخيرة ، خصوصا تلك الصادرة عن كل من فرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب الإشادة بالمنجزات التنموية التي عرفتها الأقاليم الجنوبية للمملكة ، وإقدام دول صديقة وشقيقة على افتتاح قنصليات بها، في كل من العيون والداخلة .
خطاب له دلالات عميقة ، رسم من خلاله جلالة الملك خارطة طريق واضحة المعالم لتعزيز الجبهة الداخلية قصد التسوية النهائية لهذاالنزاع الإقليمي المفتعل الذي طال أمده، وبالتالي على الفعاليات بمختلف مشاربها أن تؤسس لإطار منظم جديد بشأن الترافع الديبلوماسي البناء لكسب المزيد من الاعترافات بمغربية الصحراء ، وتوسيع الدعم لمبادرة الحكم الذاتي .
ولتحقيق هذا الرهان، كما أكد على ذلك جلالة الملك ، ينبغي المزيد من التنسيق بموارد بشرية مؤهلة مع اعتماد معايير الكفاءة والاختصاص لاختيار الوفود سواء في اللقاءات الثنائية أو في المحافل الجهوية والدولية.
وتجدر الإشارة في هذا السياق، أن زخم الاعترافات بمغربية الصحراء من طرف قوى كبرى والتأييد الواسع للمنتظم الدولي بمبادرة الحكم الذاتي ، يرجع فضلها للدبلوماسية الملكية الرصينة ،خصوصا بعدما أعربت دول تتوفر على عضوية دائمة بمجلس الأمن مواقف داعمة للسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية.
وفي هذا المضمار ، ومواكبة لهذه الرؤية الاستراتيجية لجلالة الملك لتعزيز الدينامية الإيجابية في قضية الصحراء المغربية، ينبغي من كل الفعاليات الوطنية أن تتبنى مقاربة جديدة للانتقال من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير ، وبذل مجهود أكبر لمواصلة التعريف بعدالة وشرعية قضيتنا الوطنية الأولى ، والتصدي لمناورات واستفزازات خصوم الوحدة الترابية .
الأستاذ/ الكاتب الحسن لحويدك
والسلام ، مع أطيب التحيات .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.