صحراء بينتي تريس : العيون
تتزامن الزيارة الملكية الميمونة للأقاليم الجنوبية، التي نترقبها جميعًا ببالغ الأمل، مع لحظة مصيرية في مسارنا التنموي. وفي ظل انخراط المملكة في ورش الجهوية المتقدمة ومبادرة الحكم الذاتي، فإن السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح هو: أي مستقبل نريد أن نصنعه لأبناء هذه الربوع؟
إن الثقة التي يمنحها أبناء الصحراء لهذا المشروع الوطني الكبير تقابلها مسؤولية جسيمة، تتمثل في تحقيق تنمية عادلة وشاملة تلامس حياتهم اليومية. فالشباب الذي نتطلع إليه لقيادة المستقبل، لا يزال يعاني من شبح البطالة، والأسر تتوق إلى خدمات أساسية ذات جودة، والعدالة المجالية تبقى هدفًا نسعى جميعًا لتحقيقه.
إن الإنجازات التنموية الكبرى التي تحققت بفضل الرؤية الملكية السديدة هي مصدر فخر لنا جميعًا، لكننا نؤمن بأن التحدي الحقيقي يكمن في أن يلمس كل مواطن صحراوي أثر هذه المشاريع في تحسين مستوى معيشته، وتوسيع خياراته، وضمان كرامته. فالحق في الشغل، والصحة، والتعليم، والسكن اللائق – كما كفلها الدستور – هي الأسس التي ستبني عليها ثقة المواطن في مشروع الجهوية والحكم الذاتي.
إن هذه الزيارة الملكية هي فرصة ثمينة لتجديد العقد بين الدولة والمواطن، عقدٍ قائم على الصراحة والوضوح، والاعتراف بالتحديات، والعزم على معالجتها. إنها محطة لتأكيد أن خيرات هذه المنطقة هي ملك لجميع أبنائها، دون استثناء أو احتكار.
لذلك، فإننا نرى أن ضمان مستقبل واعد للصحراء رهين بتحقيق نقلة نوعية في الحكامة المحلية، ترتكز على محاربة الريع، وضمان توزيع عادل للثروات، وتمكين الكفاءات المحلية من الشباب والنساء، وربط المسؤولية بالمحاسبة.
فالجهوية المتقدمة والحكم الذاتي ليسا مجرد حلول سياسية، بل هما مشروع مجتمعي متكامل، عنوانه الأسمى كرامة الإنسان الصحراوي، و حقه في العيش الكريم في وطنه.
بقلم : عبد الناصر لميسي – رئيس الجمعية المغربية لحماية المستهلك